مع تطور متطلبات سوق العمل وسرعة تغيّر المهارات المطلوبة، أصبح الحصول على شهادة جامعية وحده لا يكفي، هنا تبرز أهمية الدورات التخصصية القصيرة (Micro-credentials) التي تمنح الطلاب فرصة لتعلّم مهارات محددة في وقت قصير وبشكل عملي ومباشر، في تركيا توفر الجامعات والمنصات الرقمية فرصًا قيّمة للحصول على شهادات مهنية معتمدة خلال بضعة أشهر فقط، مما يمنح الطلاب العرب والأجانب في تركيا أفضلية حقيقية في التوظيف والتطور المهني.
ما هي الدورات التخصصية القصيرة (Micro-credentials)؟
الدورات التخصصية القصيرة أو الشهادات الدقيقة (micro-credentials) هي برامج تعليمية قصيرة المدة تركز على مهارة أو موضوع محدد، فهي تمنح المتعلم شهادة معتمدة بعد إتمام دورة مكثفة ومركزة على موضوع محدد مثل البرمجة أو التسويق الرقمي)، وتتميز هذه الدورات بأنها مرنة وذات محتوى عملي وموجه نحو سوق العمل، وتشير منظمة اليونسكو إلى أن الدورات القصيرة تتيح تقليص البرامج التعليمية التقليدية وزيادة المرونة في التعلم مما يجعلها ملائمة للمتعلم الراغب في اكتساب مهارات جديدة بسرعة.
فوائد الدورات التخصصية القصيرة
تساعد الدورات التخصصية القصيرة على تطوير المهارات العملية بسرعة وبمجهود أقل مقارنة بالدراسات طويلة الأمد، فقد أظهرت أبحاث دولية أن غالبية الطلاب يفضلون البرامج التي تتضمن دورات قصيرة، ففي دراسة وجدت أن 75% من الطلاب يفضلون الالتحاق ببرنامج جامعي يوفر شهادات قصيرة ومهنية، كما توفر هذه الدورات تعلّماً شخصياً ومرناً، إذ يستطيع المتعلم اختيار محتواه التدريبي من مزودين مختلفين والتقدم وفق سرعته المناسبة، وبذلك تُسهم في سد فجوات المهارات المتغيرة باستمرار في سوق العمل، حيث يمكن اكتساب خبرة عملية تُعزز فرص التوظيف خلال أشهر قليلة.
الدورات القصيرة في الجامعات التركية
استجابت الجامعات التركية لحاجة سوق العمل بإدراج برامج شهادات قصيرة ضمن خدماتها، فعلى سبيل المثال طوّرت جامعة إسطنبول التقنية نظامًا لتسجيل الأنشطة اللاصفية، بحيث تُمنح شهادات مخصصة باسم "MikroKredi" للطلاب الذين يشاركون في تدريبات أو ورش عمل مهنية، ويمكن الوصول إلى هذا النظام عبر الرابط التالي: https://mikrokredi.itu.edu.tr/anasayfa.
كما تقدم مراكز التعليم المستمر مثل İTÜSEM برامج شهادة احترافية مكثفة مدتها أشهر قليلة؛ فبرنامج Micro-MBA بجامعة إسطنبول التقنية مثلاً يمتد 96 ساعة (حوالي 3 أشهر) ويُعقد عبر الإنترنت، ورغم حداثة هذه البرامج فإن مجلس التعليم العالي التركي (YÖK) بدأ في السنوات الأخيرة بدعم التعليم الرقمي والتعلم المفتوح، مما يوفر إطاراً مؤسسياً يمكن من خلاله دمج هذه الشهادات القصيرة في النظام الأكاديمي التركي.
منصات رقمية تركية وشراكات دولية
إلى جانب الجامعات تقدم العديد من المنصات الرقمية دورات قصيرة عالمية ومحلية، فقد دخلت جامعات تركية في شراكات مع منصات دولية؛ مثلاً تعاونت جامعة كوتش مع منصة Coursera لترجمة الدورات العالمية إلى التركية، مما سهل وصول الطلاب الأتراك للأدوات التعليمية الدولية باللغة التركية، وهناك أيضاً منصة BTK Akademi الحكومية التي تقدم تدريبات تقنية مجانية عبر الإنترنت مثل البرمجة والأمن السيبراني مع إصدار شهادات بعد إكمالها.
أما منصة Udemy فتضم مكتبة ضخمة من الدورات في مختلف المجالات، ولها ملايين المتعلمين حول العالم؛ ففي عام 2022 بلغ عدد مستخدميها أكثر من 52 مليون متعلم، وتتوفر معظم هذه الدورات بالإنجليزية، وبعضها مترجم أو مُعرب، بالإضافة للكثير من الدورات التي تقدم باللغة العربية أو التركية ما يجعلها خياراً مناسباً للطلاب الأجانب والعرب في تركيا الراغبين في اكتساب مهارات جديدة.
استثمر 3 أشهر لمستقبل أفضل
تتطلب الدورات التخصصية القصيرة فترات زمنية قصيرة نسبياً تصل لأسابيع قليلة أو بضعة أشهر، لكن مردودها طويل الأمد، فعلى سبيل المثال يمكن للمتدرب في برنامج مكثف مدته 3 أشهر أن يكتسب مهارات جديدة ويحصل على شهادة معترف بها تدعم سيرته الذاتية، مثلا برنامج Micro-MBA في جامعة إسطنبول التقنية المدعوم من مركز التعليم المستمر والذي يمنح المشاركين شهادة مهنية معتمدة بعد إتمام 96 ساعة تعليمية.
بفضل هذه الشهادات يمكن لصاحبها أن يبرز في سوق العمل بشكل أفضل ويُزيد فرص حصوله على وظائف ذات أجر أعلى، وبما أن هذه البرامج غالباً ما تكون مصممة بالتعاون مع الشركات والقطاعات المهنية، فإنها تقدم محتوى يضمن مطابقة المهارات المكتسبة لاحتياجات سوق العمل الحديث.
اقرأ أيضًا: أهم لغات البرمجة والأدوات التي يجب أن يتعلمها الطالب
في الختام فإن الدورات التخصصية القصيرة في تركيا تمثل فرصة ثمينة للطلاب العرب والأجانب لتعزيز مهاراتهم المهنية بسرعة، من خلال استثمار 3 أشهر فقط في دورة متخصصة، يمكن للمتعلم أن يحصل على شهادة معترف بها تضيف ثقلًا إلى ملفه الشخصي، سواء من خلال الجامعات المحلية أو المنصات العالمية والمحلية مثل BTK Akademi وCoursera وUdemy، فهذه الدورات تفتح آفاقًا جديدة للتطور الوظيفي والتعلم مدى الحياة في تركيا.
اقرأ أيضًا: